شتان بين تعامل «الصحة» الاوروبية مع البيض الملوث و«الصحة» الكويتية مع الحليب الملوث

بينما تتفاعل السلطات في عدد من الدول الاوروبية مع فضيحة البيض الملوث، تساءل مراقبون عن غياب دور السلطات في دولة الكويت عن التحقيق والتحري حول ما أثير منذ أسابيع قليلة عن احتواء الحليب الطازج من إنتاج أحد الشركات المحلية على كمية عالية من مادة البيتا لاكتام وبنسبة أعلى من النسب المسموح بها حسب المعايير العالمية.

حيث اجتاحت موجة البيض الملوث أكثر من 12 دولة من دول الاتحاد الاوروبي قادمة من هولندا بعد أن توصلت الاختبارات إلى وجود مادة فبرونيل متوسطة السمية في البيض، اتخذت على اثرها العديد من الدول الاوروبية اجراءات لمنع استهلاك البيض الهولندي قبل تعريضه لفحوصات مخبرية دقيقة للتأكد من خلوه من أي مواد سامة. وتفاقم الوضع في الدول الاوروبية حيث تم سحب كميات هائلة من البيض من الأسواق ومراكز البيع كما تم اوقفت اغلب دول الاتحاد الاوروبي استيراد او بيع البيض الهولندي لحين الكشف عن ملابسات تلوث البيض. وقد دعا المفوض الاوروبي المسؤول عن سلامة الغذاء فيتينيس أندريوكايتيس لعقد اجتماع وزاري عاجل لمناقشة فضيحة البيض الملوث، حيث أن دعا إلى أن يكون ممثلا في الاجتماع رؤساء وكالات الامن الغذائي في الدول المتأثرة. وعلى صعيد متصل، قامت السلطات في هولندا بتوقيف شخصين من ادارة احد شركات انتاج البيض للتحقيق معهما في قضية البيض الملوث، كما قامت السلطات في بلجيكا بعمليات مداهمة لعدد من المستودعات التي تستخدم لتخزين البيض.

وعلق مراقبون على غياب دور السلطات المحلية وعدم تفاعلها مع ما أثير خلال شهر يوليو الماضي حول احتواء الحليب الطازج الذي تنتجه إحدى الشركات المحلية على كميات عالية من مادة البيتا لاكتام الكيميائية. حيث انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بتداول كتاب صادر من رئيس وحدة صحة البيئة التابعة لوزارة الصحة يفيد بأن عينات من الحليب تم فحصها من مستشفيات الوزارة و من مقر الشركة ونظرا لاحتوائها على كمية من مادة البيتا لاكتام اعلى من الحد المسموح فقد اوقفت ادارة التغذية والاطعام في الوزارة صرفها ضمن الوجبات المقدمة للمرضى والموظفين في مستشفيات الوزارة. الا ان الموقف الرسمي لوزارة الصحة كان منحازا لصالح الشركة المنتجة حسب وصف المراقبين، حيث سارعت الوزارة باصدار بيان صحفي اكدت فيه سلامة جميع المنتجات والالبان والمواد الغذائية الكويتية وخلوها من اي مواد كيميائية.

واستغرب احد المراقبون مما وصفه بالتناقض الغريب في بيان الوزارة الذي اكد من جانب صحة الكتاب الذي تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي واصفا اياه بـ«الاجراء الداخلي الذي تقوم به الوزارة بشكل دوري» ومن جانب آخر نفى ما جاء في الكتاب من ان العينات التي تم سحبها من المستشفيات ومن مقر الشركة ملوثة بمادة البيتا لاكتام. واكدت مصادر مطلعة ان الوزارة اسرعت بـ«طمطمة» الموضوع واصدار البيانات الصحفية والتصريحات من خلال مسؤوليها دون اجراء اي فحوصات اضافية للتأكد من خلو الحليب من المواد الكيميائية، حيث صدر بيان الوزارة وصرح المتحدث الرسمي باسم الوزارة في نفس اليوم بأن جميع العينات سليمة وخالية من اي مواد كيميائية.

كما علقت المصادر ان كتاب الوكيل المساعد للصحة العامة في وزارة الصحة الدكتوره ماجدة القطان لاتحاد الجمعيات التعاونية والذي تؤكد فيه خلو منتجات الالبان المصنعة من قبل الشركة الكويتية للالبان (كي دي كاو) من المضادات الحيوية يؤكد انحياز الوزارة لاصحاب الشركات ورؤوس الاموال مما يضعف ثقة الناس بالبيانات والتقارير التي تصدرها الوزارة والخدمات التي تقدمها بشكل عام، خاصة مع اصطفاف الوزارة مع مصالح الشركات في الموضوعات ذات الصلة بالصحة العامة. وعلق احد المراقبون حول غياب الدور الفاعل للسلطات في التعامل مع هذا الملف على انه لا يمكن القاء اللوم على البلدية او اتحاد الجمعيات في ظل تاكيد وزارة الصحة رسميا على سلامة جميع العينات، واشار الى ان وزير الصحة والوكيل المساعد للصحة العامة في الوزارة مسؤولان عن اضعاف ثقة المواطنين في التقارير التي تصدرها الوزارة من خلال اصدار بيانات صحفية متسرعة و غير مستندة على حقائق وفحوصات مخبرية تهدف فقط لحماية المصالح التجارية لاصحاب الشركات.

كما علق مراقبون على الاختلاف الواضح في تعامل السلطات الاوروبية مع قضية البيض الملوث بجدية وشفافية واهتمام من كبار المسؤولين مقارنة بكيفية تعامل السلطات الكويتية مع قضية الحليب الملوث وانعدام الشفافية في تعامل وزارة الصحة مع الموضوع واصطفافها مع المصالح التجارية للشركات وغياب الجدية في اجراءات الوزارة.

كتاب الوكيل المساعد لشئون الصحه العامه الدكتوره ماجده القطان لاتحاد الجمعيات التعاونيه