أطباء يتفاعلون مع حكم حبس طبيبة بجريمة قتل خطأ

تفاعل عدد من الأطباء مع حكم محكمة الجنايات الذي صدر الأسبوع الماضي بحبس طبيبة مصرية أدينت بجريمة قتل خطأ للطفلة درة الحرز إثر إعطائها حقنة مخدرة لإزالة كيس دهني بالمخالفة للأصول الطبية.

وقال استشاري الباطنية وأمراض الكلى د. يوسف بهبهاني أنه يجب أن يعلم الناس أن من تسبب بفقدان أعزاؤكم في الغالب ليس هذا الطبيب الوافد المغلوب على أمره بل من تسبب بذلك هو نحن كلنا في وزارة الصحة. وأضاف بهبهاني أن المحاسبة ضرورية لكن هذا الطبيب ليس سوى كبش فداء يقدم لإسكاتكم ولن يفيد هذا الحكم بمنع فقدان عزيز آخر لكم في المستقبل.

وتابع بهبهاني: أنتم لا ترون سوى قمة جبل الجليد وهناك كم هائل من الأخطاء لا ترونها. أغلب هذه المآسي نتيجة أخطاء مؤسسية. وحين تقع الكارثة تتبرأ الوزارة من مسئوليتها وتصور لكم أن الخطأ فردي من طبيب لم يدربه أحد ولم تهيأ له البيئة المناسبة لتجنب الخطأ. وقال بهبهاني أن الأخطاء في أغلبها نتيجة نقص في التدريب وتهيئة البيئة المناسبة للعمل، ومن يجب أن يحاسب على ذلك هي وزارة الصحة وليس الطبيب الفرد.

وأعطى بهبهاني مثالا بأن طبيب الجلدية يفشل في إنعاش حالة طارئة لا يراها إلا مرة كل 10 سنوات وتتم محاسبته كمحاسبة طبيب الباطنية الذي ينعش مريضا كل يوم، مستنكرا كيف نحاسب طبيبا لم يدربه أحد ولم يوفر له أحد الأجهزة اللازمة للإنعاش؟ ونترك الوزارة التي أهملت تدريبه ولم تهتم بتوفير المتطلبات اللازمة للإنعاش؟

وأضاف بهبهاني أن تحميل الطبيب فقط مسئولية كارثة حصلت بسبب خطأ مؤسسي يؤدي إلى هدم مستقبل الطبيب وعدم منع حصول ذلك مستقبلا واتجاه الأطباء للطب الدفاعي وهجرة الكفاءات. والأهم من كل ذلك أن هذا لا يعالج السبب الأساسي للخطأ الطبي وهو الخلل المؤسسي وسنفقد أرواحا أخرى. أما محاسبة الوزارة بشكل جدي على هذه الأخطاء فستنتج على حد وصف بهبهاني تغيير النظام الذي أدى للخطأ ومنع تكراره، كما ستدفع الوزارة لتدريب الأطباء وتغيير العقلية السائدة التي تركز على خطأ الفرد بدلا من دراسة جذور الخطأ لمنع حصوله.

وأكد بهبهاني بأنه إذا كان الخطأ فرديا فتصبح محاسبة الطبيب واجبة إن كان ذلك بسبب إهماله.

وفي ذات السياق، قال استشاري المناعة والعلاج بالخلايا الجذعية د. ميثم حسين أن قيام الطبيب أو الممارس الصحي بإجراءات طبية غير معتمدة سواءا في الممارسة الطبية أو في المؤسسة التي يعمل بها، دون موافقة مسبقة ممن يعلوه في المسئولية هو أمر يجب تسليط الضوء عليه.

وتابع حسين: كما أن الخطأ الطبي أو المضاعفات الصحية نتيجة لتعقيد النظام الصحي وتشابك مكوناته وربما فراغا أو خللا في إدارته وتنظيمه، إلا أن هذا لا يعفي الطبيب أو الممارس الصحي من إدراك خطورة أي ممارسة طبية والتعامل مع المريض ضمن هذه المنظومة الصحية.

وأضاف حسين بأن كثير من رؤساء الأقسام الطبية من يتوانى عن إجراءات فنية وإدارية ويسمح لغير الاختصاص أو الكفاءة من ممارستها أو الإشراف عليها ثم يتنصل من مسئوليته، بينما كان ينتعش فرحا أنه سمح له بذلك الإجراء أو الممارسة الطبية، مؤكدا بأن هناك أمثلة كثيرة على ذلك.

وتساءل حسين: كم من طبيب غير مؤهل ولا يحمل شهادة الاختصاص ولا يستوفي متطلبات الجهات الفنية والإدارية بما فيها قرارات الخدمة المدنية سمح لنفسه ولغيره بممارسات طبية لا يقوم بها إلا طبيب مختص ذو مؤهل علمي ومهني معتبر في الدول المجاورة ودول العالم!