مقترح لتطوير العلاج بالخارج قدمه الفضلي

تقدم الدكتور مهدي الفضلي مستشار وكيل وزارة الصحة بمقترح لتطوير العلاج بالخارج. وحدد الفضلي في مقترحه نقاط الضعف الموجودة في النظام الحـالي وهي عدم وجود نظام ربط آلي فعال بين الجهات المعنية بالعلاج بالخارج ونظم المحاسبة والرقابة المالية فيما بين المكاتب الصحية والادارة المركزية وبين المستشفيات بالاضافة الى طول فترة انتظار المرضى المستحقين للسفر من تاريخ طلب العلاج بالخارج الى اعتماد السفر وتاكيد الموعد، الأمر الذى قد يزيد من حدة المرض ويضيق فرص الشفاء أو يطيل فترة العلاج، إلى جانب مركزية الاجراءات بعد حصول الموافقة مما يقيد السرعة المرجوة للدورة المستندية للاجراءات. بالإضافة إلى ذلك، أشار الفضلي إلى التدخلات والاستثناءات وراء التوسع في ايفاد المواطنين للعلاج بالخارج واحداث الهدر المالي وعدم انصاف من يستحق للعلاج بالخارج احياناً، وقيام وزارة الصحة باصدار العديد من القرارات المنظمة للعلاج بالخارج مما قد يؤثر على عمل المكاتب الصحية والتي قد يلتبس عليها الأمر في كيفية التعامل مع تغيير القرارات، كما ان بعض الحالات في بعض الوزارات الاخرى قد يتم ابتعاثها للعلاج بالخارج كمجاملات أو استثناءات أو لأسباب انسانية، كذلك من نقاط الضعف اختلاف الضوابط المعمول بها والمنظمة للعلاج بالخارج بين بعض الجهات الحكومية، الأمر الذى يخلق فروقا في التعامل مع الحالات المتشابهة، وشعور بعدم المساواة والعدالة بين المواطنين، الى جانب عدم توافر الموظفين المختصين للقيام بهذا النشاط في بعض الدول بالخارج واسناده للعاملين بالسفارات غير المؤهلين لمتابعة الامور الصحية والادارية والمالية.

ومن نقاط الضعف الموجودة في النظام الحالي حسب مقترح الفضلي التجاوزات من المكاتب الصحية التابعة لوزارة الصحة الأمر الذى قد ينتج عنه تحميل الميزانية أعباء مالية اضافية، اضافة الى عدم صدور لائحة محددة تحدد درجة خطورة الامراض المرسلة ومدة العلاج اللازمة أوالموازنة التقديرية لتكلفة العلاج أو عدم الالتزام بلائحة العلاج بالخارج الامر الذي يجعل العلاج متفاوتاً بين المرضى، وكذلك عدم وجود لجنة تظلمات لدفع الظلم عن بعض الحالات المستحقة للعلاج بالخارج ولم تاخذ حقها باللجان التخصصية. وأخيرا حدد الفضلي عدم وجود هيكل تنظيمي لادارة العلاج بالخارج يوضح خطوط الاتصال داخلياً وخارجياً، كذلك عدم وجود توصيف وظيفي للعاملين فيها يحدد المسؤوليات والواجبات والسلطات الخاصة بكل وظيفة، الامر الذي قد يترتب عليه عدم انجاز العمل بدقة، كما أن الادارة تحتاج الى نظام فعال وعادل لمتابعة كفاءة الأداء لمكافأة الموظفين المجتهدين ومحاسبة المقصرين وفق مبدأ الثواب والعقاب.

واقترح الفضلي بعض الحلول لتفادي نقاط الضعف في النظام تتمثل في حلول على المدى القصـير و(يبدأ تطبيقها حالا)، وتتمثل في تطبيق نظام الربط الآلي المباشر عن طريق شبكة الانترنت بين الجهات المعنية بالعلاج بالخارج ووضع نظام آلي للمحاسبة والرقابة المالية، الى جانب تصنيف طلبات الابتعاث للعلاج بالخارج طبقاً لدرجة الضرورة والخطورة على الحياة أو تفاقم المرض الى ثلاثة أنواع: شديدة الخطورة – خطــرة – عــادية، مع وضع جدول زمني محدد لكل حالة، وكذلك تغيير الية اجراءات طلب العلاج بالخارج بهدف سرعة الانجاز على ان تكون بتقديم الطلب عن طريق المريض او ذويه في المستشفى الذي يتعالج فيه المريض ولديه فيه ملف خاص، وقيام المستشفى المعني بتصنيف الحالة حسب خطورتها وتحويل نسخة من ملف المريض مع الطلب الى ادارة العلاج في الخارج – على ان يكون هذا الملف متكاملاً بالاضافة الى جميع الاشاعات والتحاليل المختبرية (التحويل سواء عن طريق المراسلين او طريق المسح الضوئي في حال تواجد الربط الآلي وهو الافضل).

كما اقترح الفضلي أن يكون استقبال الطلب في ادارة العلاج بالخارج وتحديد موعد لجنة حسب خطورة الحالة لدراسة ملف المريض دون الحاجة لحضور المريض، واختيار اطباء كويتيين ذوي كفاءة عالية من اختصاصي اول فما فوق لجميع التخصصات المطلوبة (لجنة تخصصية عليا يعاد تشكيلها كل 6 شهور) لدراسة ومناظرة ملفات المرضى لاصدار قرار اما بالقبول او الرفض، وان تعقد اللجان المختصة يوميا في ادارة العلاج بالخارج بعد الدوام الرسمي لمناظرة الحالات اولا باول، الى جانب تشكيل لجنة تظلمات مؤقتة (يعاد تشكيلها كل 6 شهور) برئاسة السيد وكيل الوزارة وعضوية مدير ادارة العلاج بالخارج وعدد 3 4 اطباء كويتيين استشاريين لدراسة الحالات المرفوضة، وكذلك قيام الادارة بارسال نسخة من القرار الى المستشفى المعني وايضا الى الجهات الرسمية العليا للتصديق عليه (سواء ارساله يدويا او بالماسح الضوئي في حال تواجد الربط الآلي)، وكذلك ارسال القرارات الموافق عليها الى المكتب الصحي المعني لتحديد موعد قريب جدا للمريض وعليه تقوم الادارة باستكمال باقي الاجراءات الادارية لسفر المريض والمرافق او المرافقين معه، أما الحالات المرفوضة فيكون لها الحق في التظلم من قرارات اللجنة، كما يكون لها الاولوية في العرض على الاطباء الزائرين الى البلد واصدار لائحة لتحديد درجة خطورة الحالات المرضية المتفق على ارسالها للعلاج بالخارج ومدة العلاج اللازمة والبلد الذى من المنتظر أن يتلقى المريض العلاج به أو الموازنة التقديرية لتكلفة العلاج. الى جانب توحيد الآلية واللوائح المنظمة للعلاج بالخارج بين كافة الجهات الحكومية لتحقيق المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين المواطنين. واصدار لوائح لمنع التدخلات في أعمال اللجان الطبية، وتفعيل الرقابة على الوزارات والادارات الحكومية بديوان المحاسبة والتنسيق مع المكاتب الصحية والادارة المركزية، الى جانب تشكيل لجنة دائمة لمتابعة وتدقيق فواتير المكاتب الصحية ومعاملات العلاج بالخارج، واخيرا اصدار هيكل تنظيمي لادارة العلاج بالخارج مع توصيف وظيفي للعاملين باقسام الادارة المختلفة سواء الطبية او الفنية او الادارية مع تطبيق نظام لمتابعة كفاءة الاداء.

وذكر الفضلي ان الحلول المقترحة تضم كذلك حلولاً على المدى المتوسط (خلال 3-5 سنوات)، وتتجسد في الربط المباشر بالوسائل المتاحة بين الادارة المركزية والمكاتب الصحية في الخارج بتوفير اجهزة كمبيوتر وشبكات وبرامج وغيرها، لكل من ادارة العلاج بالخارج والمكاتب الصحية، لمراقبة العمليات المالية في الخارج بمجرد اعتمادها وصرفها بحيث لا يكون هناك مكتب صحي يعمل بمفرده دون ان يكون على صلة بالادارة المركزية ولا تتم اي عملية الا بعد ان تمر باجراءاتها الصحيحة حتى وصولها الى المكتب الصحي، كما يسجل هذا النظام جميع العمليات فور اجرائها، ويتدارك أى خطأ أو تجاوز قد يقع فور ظهوره مباشرة على النظام، والذي يملك القدرة على التوجيه للاجراءات الواجب اتباعها لتصحيح هذا الخطأ أو التجاوز في حينه، والزام المكاتب الصحية في الخارج بالتعاقد مع المراكز الصحية العالمية ذات السمعة العالية فقط مع امكانية اشراك اطباء لجان العلاج بالخارج التخصصية وقيادي الوزارة المعنيين بالامر في اختيار تلك المراكز، وتشكيل لجنة دائمة لمتابعة وتدقيق مصادر الصرف للمكاتب الصحية ومعاملات العلاج بالخارج، كذلك توفير قاعدة بيانات تساهم في وضع سياسات واستراتيجيات متعلقة بالعلاج خارج الدولة. وما هى أكثر البلدان التي تستقبل مرضى من الدولة. ونوعية الأمراض التي تأتي في مقدمة الأمراض التي يتم تشخيصها وعلاجها في الخارج.

كما اقترح الفضلي اجراء مسح ميدانى بين جميع من تلقوا العلاج بالخارج لبيان: أسباب طلب العلاج بالخارج رغم امكانية توافر علاجهم في الدولة: (طول فترة الانتظار للحصول على الخدمة حصول نتائج علاجية سابقة غير مرغوب بها لهم أو لغيرهم- السلوك السلبي من مقدمى الخدمة الطبية بالوطن)، وأهم المعلومات التي يبحث عنها المريض قبل السفر للعلاج بالخارج: (خبرة الطبيب المعالج سمعة المركز الطبي أو المستشفى والتجارب السابقة الناجحة لمرضى آخرين عند نفس الطبيب أو المستشفى ….. الخ)، وكذلك العوامل التي يرغب مرضى العلاج في الخارج بتوافرها في الدولة كسهولة حجز المواعيد عند الحاجة اليها واستماع الطبيب المعالج للمريض والتحدث اليه عن حالته المرضية وما قد يحدث له مستقبلا وأن تكون الاستشارة الطبية والتحاليل في مبنى واحد وتوفير المواد العلمية والنشرات الطبية عن الحالة المرضية باللغتين العربية والانجليزية وتقديم خيارات علاجية متعددة والاتصال بالمريض وابلاغه عن النتائج الطبية عبر الوسائل الحديثة وغيرها من الخدمات التي يتمنى المواطن وجودها في بلده.

واشار كذلك الى أن من الحلول المقترحة على المدى المتوسط توفير المعلومات الخاصة بالعلاج في الخارج للمرضى قبل سفرهم للخارج والخيارات الأفضل المتاحة لهم وبذل الجهود لتوفير خدمات الرعاية الصحية التي تتمحور حول ضمان خصوصية المرضى وحفظ حقوقهم وحث الكادر الطبي في الدولة على ضرورة الاهتمام بالمريض ومتطلباته، وابراز دور وزارة الصحة الوقائي والعلاجي والتاهيلي اعلاميا عبر جميع وسائل الاعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي لاعادة ثقة المواطن بهذا المرفق الحيوي ودراسة أسباب تدني مستوى رضا المراجعين عن بعض المراكز الطبية او المستشفيات العامة او التخصصية عن المستوى العام وايجاد الحلول والبدائل المناسبة، وتجهيز بعض المستشفيات للأمراض التي تظهر نتائج البحث الميدانى أنها تحوز الأغلبية في العلاج بالخارج، بأحدث التقنيات من أجهزة ومعدات وأطقم طبية ذات كفاءة عالية مع تدريبهم في أفضل المراكز الطبية المتخصصة، بمعنى انه لو أظهر البحث الميدانى مثلا أن مرض السرطان يمثل نسبة عالية للمرضى الذين يعالجون بالخارج، وأن فرنسا هو البلد المثالي الذي يقدم خدمة طبية ممتازة في هذا المجال مثلاً. فانه يتوجب علينا الاستعانة بأمهر الخبراء من أطباء من فرنسا ولمدة كافية لا تقل عن 3 -6 أشهر، لاجراء الكشف والعلاج للمرضى بمشاركة الأطباء الكويتيين كتدريب ميدانى لهم، مع الاعلان عن مواعيد استقدام هؤلاء الاستشاريين مسبقاً على ان تكون الاولوية للمرضى الذين تم رفض لجانهم مسبقاً.

وعلى المدى البعــيد (خمس سنوات فأكثر) اقترح الفضلي ربط المعلومات المدنية للمواطنين والمقيمين بين المراكز الطبية بمستوياتها الثلاث (الرعاية الاولية المستشفيات العامة المراكز التخصصية) بعد ميكنة ملفات المرضى في المستشفيات والمراكز التخصصية لتسهيل حصول المعلومات الصحية للمرضى في اي مكان وبالتالي انقاذ الارواح عند الحاجة للتاريخ المرضي والادوية المستعملة للمرضى والحد من الهدر المالي من تكرار صرف الادوية والفحوصات وغيرها، الى جانب تعميم هذا النظام في مختلف سفارات دولة الكويت في جميع أنحاء العالم عند احتياج المواطن للخدمة وهو خارج الوطون، مع ضرورة الاستفادة من وجود المدن الطبية الحالية الجديدة (مستشفى جابر – مدينة الجهراء الطبية وغيرها) والتركيز على التخصصات للحالات الطبية النادرة والمعقدة واستقطاب الاطباء الاستشاريين العالميين المشهود لهم بالكفاءة والذين عادة ما نرسل مرضانا لهم والتعاقد معهم لمدة محدودة (تقريبا 3 – 6 شهور) على مدار السنة لجميع التخصصات، مشيرا الى بعض الايجابيات في هذا الشأن والمتمثلة في أن علاج المريض يكون في بلده الكويت وبين ذويه (العلاج بالداخل)، والتخلص من معاناة السفر والغربة، والتخلص من الاجراءات الطويلة من تقديم طلب للعلاج بالخارج الى السفر وحتى العودة الى الوطن، وتقليل عدد طلبات العلاج بالخارج وبالتالي تخفيف الضغط على الادارة والمكاتب الصحية خارج البلاد وتقليل الكلفة المادية لهذا الملف، والنهوض بالمستوى الصحي في البلاد واعادة الثقة المفقودة بين المواطن والمراكز الصحية بمستوياتها الثلاث، والحفاظ على الاموال العامة من الهدر الزائد المبالغ فيه احيانا في هذا المجال بالذات، وجعل الكويت محط انظار الدول المحيطة بها او حتى الاقليمية طلبا للاستشفاء مقابل رسوم تضعها وتشرف عليها وزارة الصحة، والاستفادة من خبرات الاطباء الاستشاريين العالميين بتعليم اطبائنا الكويتيين والاشراف عليهم، مبينا ان من الحلول طويلة الأمد كذلك اشراك القطاع الخاص في تشغيل المدن الطبية بنسبة معينة. كما يمكن مستقبلاً تخصيص هذه المدن كهدف وطني باكتتاب المواطنين بنظام الاسهم التي تدرج لاحقاً للتداول بالبورصة، وكذلك تطبيق نظام التأمين الصحي للمواطنين من شركات عالمية او محلية مقتدرة وتشكل لجانها الخاصة للعلاج بالخارج على ان تقوم الدولة بتحمل تكاليف هذا التامين على المواطنين، وبالتالي اغلاق ملف العلاج بالخارج تماماً من وزارة الصحة والحفاظ على المال العام من الهدر، اضافة الى التنسيق مع وزارات الصحة بدول مجلس التعاون الخليجى بتكامل الخدمات الطبية فيما بينها، بحيث تتخصص كل دولة في فرع طبي معين والعمل الدائم على تطويره تقنياً وبشرياً، لينافس أفضل المراكز الطبية العالمية، ليكون المريض العربى بين أشقائه وذوي جلدته بدلاً من اللجوء للدول الغربية وما يواجهه من اختلاف اللغة والعادات والتقاليد.